خبراء أكدوا لـ«الرؤية» أن الوضع الراهن يفتح الباب على مصراعيه أمام البلاد العربية لجمع الصف والكلمة تحت القيادة السعودية، لجعل كلمتها العليا في هذا العالم المضطرب، واستثمار سلاح النفط بالصورة المثلى حتى يكون للعرب موطئ قدم في خريطة التفاعلات الدولية بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، بينما يرى البعض الآخر ضرورة الابتعاد عن وضع ملف الطاقة ضمن أطر سياسية أو استخدامه كسلاح، بما يشكل مخاطر على سلعة النفط على المدى البعيد، والتي يجب أن تبقى اقتصادية بامتياز.ويرى رئيس مركز الشروق للدراسات والاستشارات الاقتصادية، المستشار الدكتور عبدالرحمن باعشن، أن الأزمة الروسية- الأوكرانية فرضت وضعاً مختلفاً على القوى الكبرى وحلفائهم، يبرز في كيفية ضمان مخزون استراتيجي كافٍ من مصار الطاقة والغاز الطبيعي، مؤكداً أن السجال حالياً على أشده على خلفية العقوبات التي فرضتها الدول التي تقف إلى جانب أوكرانيا.
ويشير إلى أن الغرب عمل على «لي ذراع» موسكو عبر تجفيف منابع مواردها المالية وعلى رأسها الطاقة والغاز، في وقت توفر روسيا النسبة الأكبر من طاقة الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن موسكو تتجه لقطع مصادر طاقتها عن منطقة اليورو في رد فعل معاكس، الأمر الذي يُبقي دول أوروبا بين خيارين أحلاهما مر، أولهما: أن تستمر في معاقبة موسكو ومن ثم تتحمل تبعات العقوبات من قطع الطاقة والغاز الروسي، والثاني: الانصياع لأوامر موسكو والضغط على أوكرانيا لقبول شروطها، مشدداً على أنه في كل من الحالتين سيكون الموقف الأوروبي ضعيفاً للغاية.ويوضح أن الدول الأوروبية تبحث عن مخرج من تبعات هذه الأزمة منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية عبر محورين، الأول: البحث عن بدائل لمصادر الطاقة الروسية، في محاولة لتفادي تبعات قطع الإمدادات الروسية، والثاني: البحث عن حلول سلمية لأزمة أوكرانيا، لافتاً إلى أن الهرولة المكثفة للوفود الأوروبية والأمريكية نحو المملكة العربية السعودية والدول الخليجية والعربية التي تتمتع بقدر من مصادر الطاقة والغاز، لإجراء مباحثات استيراد الغاز الطبيعي من دول الخليج، وعلى رأسها المملكة التي دخلت في إنتاج الغاز بقوة خلال الفترة الأخيرة ودشنت كثيراً من المشاريع في هذا القطاع، بجانب الغاز القطري.
ويؤكد عبدالرحمن أن المملكة العربية السعودية سيدة الموقف في خارطة الطاقة باعتبارها موطن الطاقة والغاز في العالم أجمع، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي للإعلان عن استراتيجية أوروبية- خليجية تتضمن 5 محاور لضمان إمدادات الطاقة والغاز لمواجهة تحديات حدة انعكاسات الأزمة الروسية الأوكرانية، وخفض سقف التهديدات بانقطاع الوقود والغاز الطبيعي الروسي عن دول الاتحاد الأوروبي وارتفاع أسعار الطاقة عالمياً، وتتمحور الاستراتيجية الأوروبية الجديدة لتفادي الحرب الروسية الأوكرانية على أوروبا، على تعزيز الطاقة الخضراء والهيدروجين الأخضر وزيادة كفاءة الطاقة وتكنولوجيا الإنتاج وتنويع الاقتصاد، مشدداً على أن المملكة العربية السعودية تتصدر لائحة التوجه «الطاقوي» الأوروبي، في تعظيم الاستفادة من الإمكانات الخليجية المختلفة، منوهاً إلى أن استراتيجية التعاون الأوروبية الخليجية الجديدة، تدخل حيز التنفيذ الفعلي مع بداية يناير 2023، بناء على توصيات اجتماع وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي مع 27 وزيراً من دول الاتحاد الأوروبي.
ويوضح أن استراتيجية التعاون الأوروبي تتزامن مع الرغبة الطموحة لاستئناف مفاوضات التجارة الحرة بين أوروبا والخليج، لافتاً إلى أن دول الاتحاد الأوروبي من أكبر الجهات في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السعودية بنحو 40 مليار يورو، بما يعزز من أهمية الدور السعودي المحوري القائد لمحورية المنطقة العربية المنتجة للطاقة والغاز، مشدداً على أن الوضع الراهن يفتح الباب على مصراعيه أمام البلاد العربية لجمع الصف والكلمة تحت القيادة السعودية لجعل كلمتها العليا في هذا العالم المضطرب، لاستخدام سلاح النفط والبحث عن كيفية استثماره بالصورة المثلى حتى يكون للعرب موطئ قدم في خريطة التفاعلات